الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

جامع أحمد بن طولون


مئذنة جامع أحمد بن طولون المعروفة بالملوية، وهى نادرة الطراز حيث بنيت طراز مئذنة جامع سامرا بالعراق والتى دمرت حديثاً أثناء القصف العراق،وتتكون من طابقين مربعين يعلوهما طابقان مثمنان، وهي ذات سلم خارجي يدور حول بدنها حتى أعلاها، ويتوج ذلك كله طاقية مفصصة يعلوها هلال نحاسى، ويظهر بالجزء السفلى دخلتان معقودتان بعقدين على شكل حدوة الفرس (نافذة توأمية) يرتكزان على عمود حجري.


جامع أحمد بن طولون 263-265 هجرية = 876/877-879م. كان طولون أحد المماليك الأتراك الذين أهداهم عامل بخارى إلى الخليفة المآمون فظل يترقى فى خدمة البلاط العباسى حتى بلغ مصاف الأمراء، ونشأ ابنه - أحمد بن طولون - محبا للعلم مشغوفا به فحفظ القرآن ودرس الفقه والحديث وأظهر من النجابة والحكمة ما ميزه على أترابه. فلما تقلد باكباك إمارة مصر من قبل الخليفة العباسى أنابه عنه فى ولايتها فقدم إليها سنة 254 هجرية = 868م وكان من حظه أن وهبت مصر إلى حميه الأمير ماجور بعد وفاة باكباك فأقره على ولايتها. وكانت ولاية أحمد بن طولون على مصر أول الأمر قاصرة على الفسطاط أما أمر الخراج فكان موكولا إلى ابن المدير فما زال بحسن سياسته يوسع فى نفوذه حتى شمل سلطانه مصر جميعها وتولى أمر الخراج وامتد نفوذه إلى الشام وبرقة وأسس الدولة الطولونية التى حكمت مصر من سنة 254 إلى 292 هجرية = 868 إلى 905م وتوفى سنة 270 هجرية = 884م وفى الواقع تعتبر شخصية أحمد بن طولون من الشخصيات الهامة فى تاريخ مصر الإسلامى إذ تتمثل فيها النقلة التى انتقلتها مصر من ولاية تابعة للخلافة العباسية إلى دولة ذات استقلال ذاتى. بعد أن أتم أحمد بن طولون بناء قصره عند سفح المقطم وأنشأ الميدان أمامه وبعد أن فرغ من تأسيس مدينة القطائع شيد جامعه العظيم على جبل يشكر فشرع فى بنائه سنة 263 هجرية = 876/ 77م وأتمه سنة 265 هجرية = 879م ودون هذا التاريخ على لوح رخامى مثبت على أحد أكتاف رواق القبلة. وهو وإن كان ثالث الجوامع التى أنشئت بمصر يعتبر من أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله العمارية الأصلية، ذلك لأن أول هذه الجوامع جامع عمرو الذى بنى سنة 21 هجرية = 642م لم يبق أثر من بنائه القديم كما أن ثانيهما وهو جامع العسكر الذى بنى فى سنة 169 هجرية = 785/ 86م قد زال بزوال العسكر. تناولت يد الإصلاح هذا الجامع كما امتدت إليه يد التدمير والخراب فى فترات من عصوره المختلفة شأنه فى ذلك شأن كثير من المساجد الأثرية الأخرى. ففى سنة 470 هجرية = 1077/ 78م قام بدر الجمالى وزير الخليفة المستنصر الفاطمى ببعض إصلاحات بالجامع أثبتت على لوح رخامى مركب أعلى أحد أبواب الوجهة البحرية وأمر الخليفة المستنصر بعمل محراب من الجص بأحد أكتاف رواق القبلة بلغت فيه صناعة الزخرفة الجصية حد الدقة والإتقان ذلك عدا محرابين جصيين آخرين عمل أحدهما فى العصر الطولونى والثانى فى العصر الفاطمى وكلاهما برواق القبلة أيضا إلا أن أهم إصلاح أدخل على الجامع هو ذلك الذى قام به السلطان حسام الدين لاجين سنة 696 هجرية = 1296/ 97م فقد أنشأ - 1 - القبة المقامة وسط الصحن والتى حلت محل القبة التى شيدها الخليفة الفاطمى العزيز بالله سنة 385 هجرية = 995م بدلا من القبة الأصلية التى احترقت سنة 376 هجرية = 986م - 2 - المئذنة الحالية ذات السلم الخارجى - 3 - المنبر الخشبى - 4 - كسوة الفسيفساء والرخام للمحراب الكبير - 5 - قاعدة القبة التى تعلو هذا المحراب - 6 - كثيرا من الشبابيك الجصية - 7 - محرابا من الجص مشابها للمحراب المستنصرى بالكتف المجاورة له - 8 - سبيلا بالزيادة القبلية جدده قايتباى فيما بعد وأصلحته إدارة حفظ الآثار العربية أخيرا. وفى أواخر القرن الثانى عشر الهجرى - الثامن عشر الميلادى - استعمل هذا الجامع مصنعا للأحزمة الصوفية كما استعمل فى منتصف القرن الماضى ملجأ للعجزة. وما كادت تنشأ لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1882م حتى شرعت فى انتشاله من وهدته وأخذت فى ترميمه وإصلاحه إلى أن كانت سنة 1918م حين أمر المغفور له الملك فؤاد الأول بإعداد مشروع لإصلاحه إصلاحا شاملا وتخلية ما حوله من الأبنية ورصد لذلك أربعون ألف جنيه أنفقت فى تقويم ما تداعى من بنائه وتجديد أسقفه وترميم بياضه وزخارفه. يتكون هذا الجامع من صحن مكشوف مربع تقريبا طول ضلعه 92 مترا تتوسطه قبة محمولة على رقبة مثمنة ترتكز على قاعدة مربعة بها أربع فتحات معقودة وبوسطها حوض للوضوء ويسترعى النظر فيها وجود سلم داخل سمك حائطها البحرية يصعد منه إلى منسوب الرقبة. ويحيط بالصحن أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة ويشتمل على خمسة صفوف من العقود المدببة المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع استديرت أركانها على شكل أعمدة ملتصقة ويشمل كل من الأروقة الثلاثة الأخرى على صفين فقط. ويغطى الأروقة الأربعة سقف من الخشب حديث الصنع عمل على نمط السقف القديم وبأسفلة ركب الإزار الخشب القديم المكتوب عليه من سور القرآن الكريم بالخط الكوفى المكبر. ويبلغ طول الجامع 138 مترا وعرضه 118 مترا تقريبا يحيط به من ثلاثة جهات - البحرية والغربية والقبلية - ثلاث زيادات عرض كل منها 19 مترا على وجه التقريب ويكون الجامع مع هذه الزيادات مربعا طول ضلعه 162 مترا ويتوسط الزيادة الغربية الفريدة فى نوعها والتى لا توجد مثيلة لها فى مآذن القاهرة وأغلب الظن أنها اقتبست سلمها الخارجى من المنارة الأصلية للجامع ولعلها قد بنيت على نمط مئذنة سامرا وهى تبتدئ مربعة من أسفل ثم أسطوانية وتنتهى مثمنة تعلوها قبة ويبلغ ارتفاعها أربعين مترا. ووجهات الجامع الأربع تسودها البساطة وليس بها من أنواع الزخرف سوى صف من الشبابيك الجصية المفرغة المتنوعة الأشكال والمختلفة العهود بين كل منها تجويفة مخوصة وتنتهى الوجهات كما تنتهى أسوار الزيادات بشرفات مفرغة جميلة ويقابل كل باب من أبواب الجامع بابا فى سور الزيادة ذلك عدا بابا صغيرا فتح فى جدار القبلة كان يؤدى إلى دار الإمارة التى أنشأها أحمد بن طولون شرق الجامع. ويتوسط جدار القبلة المحراب الكبير الذى لم يبقى من معالمه الأصلية سوى تجويفه والأعمدة الرخامية التى تكتنفه وما عدا ذلك فمن عمل السلطان لاجين كما ذكر آنفا. ويعلو الجزء الواقع أمام المحراب قبة صغيرة من الخشب بدائرها شبابيك جصية مفرغة محلاة بالزجاج الملون ويقوم إلى جانب المحراب منبر أمر بعمله السلطان لاجين أيضا وحل محل المنبر الأصلى وهو مصنوع من الخشب المجمع على هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محلاة بزخارف دقيقة بارزة وهذا المنبر يعتبر من أجمل منابر مساجد القاهرة وأقدمها وهو إن جدد الكثير من حشوه يعتبر من حيث القدم ثالث المنابر القائمة بمصر: فأولها منبر المسجد الموجود بدير القديسة كاترين بسينا والذى أمر بعمله الأفضل شاهنشاه فى أيام الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله سنة 500 هجرية = 1106م وثانيها منبر المسجد العتيق بقوص الذى أمر بعمله الصالح طلائع سنة 550 هجرية = 1155م. بقيت الزخارف الجصية التى نشاهدها حول العقود والفتحات وفى بعض بواطن العقود المشرفة على الصحن فهى وإن رمم الكثير منها إلا أنها لازالت باقية بطابعها الطولونى المستمد عناصرها من زخارف سامرا. أما الزخارف المحفورة فى تجليد أعتاب بعض الأبواب فإنها قريبة الشبه جدا من زخارف سامرا.

المحراب الرئيسى لجامع أحمد بن طولون تجديد السلطان لاجين696هـ، ويتوسط الجدار الجنوبى الشرقي لظلة القبلة، ويتقدم المحراب عقد مدبب من الجص وهو محمول علي عمودين من الرخام لهما بدن اسطواني وقاعدة مربعة وتاج به زخارف نباتية أما طاقية المحراب فقد صنعت من الخشب المزخرف بنقوش زيتية، ويوجد بكوشتي هذا العقد زخارف نباتية وهندسية متداخلة، وقد زخرف الجزء العلوى من باطن المحراب بفصوص من الفسيفساء الذهبية والزجاجية المتعددة الألوان وكتب بها بالخط النسخى "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، أما الجزء السفلي فقد غشى بالرخام الملون.


المدخل الحالى لجامع أحمد بن طولون بالواجهة الشمالية الشرقية من داخل الزيادة الشمالية الشرقية، ويتقدم هذا المدخل سلم نصف دائري مكون من 8 درجات وبسطة نصف دائرية تؤدي إلي فتحة الدخول التى يحيط بها إطار خشبي، يعلوه نافذة معقودة بعقد مدبب مغشاة بشباك من الجص، كما زخرفت الواجهة من أعلى المدخل بدخلات صماء مستطيلة معقودة بعقود مدببة تحصر فيما بينها أشكال رباعية مزخرفة من أعلاها بزخارف تشبه الفصوص، ويعلو ذلك إزار بارز من الآجر، ويتوج هذه الواجهة شرافات علي هيئة عرائس متشابكة الأيدى وكأنها فى صفوف الصلاة.



السقف الخشبى لظلة القبلة بجامع أحمد بن طولون، وهو عبارة عن سقف خشبي مسطح محمول علي براطيم خشبية كما يوجد إزار خشبي أسفل السقف، وتظهر الدعامات المستطيلة الشكل، ضخمة التكوين التى بنيت من الآجر، وفي الأركان الأربعة لكل دعامة قام المعمارى بتشكيل أربعة أعمدة مدمجة ذات تيجان جصية مزخرفة بزخارف نباتية محورة فيما عرف بطراز سامرا، وهذا السقف من أعمال لجنة حفظ الآثار العربية.



لواجهة الشمالية الشرقية لجامع أحمد بن طولون من داخل الزيادة الشمالية الشرقية، وهي مبنية من الآجر، وتحتوى هذه الواجهة على سبعة فتحات مداخل، يعلو هذه الفتحات صف من الدخلات، وتضم هذه الدخلات 31 نافذة معقودة بعقد مدبب ومغشاة بأحجبة من الجص المفرغ بالزخارف، وتحصر هذه النوافذ فيما بينها دخلات صماء مستطيلة معقودة بعقود مدببة، و تحصر النوافذ والدخلات الصماء فيما بينها أشكال رباعية مزخرفة بزخارف تشبه الفصوص، يعلو هذه الدخلات إزار بارز من الآجر،ويتوج هذه الواجهة شرفات علي هيئة عرائس متشابكة الأيدي وكأنها فى صفوف الصلاة.


فوارة جامع أحمد بن طولون، وهى بوسط الصحن، وتتكون من تربيع سفلى فتح بكل ضلع من أضلاعه الأربعة فتحة باب معقودة بعقد مدبب، واستخدمت الأحجار الملونة فى بناء هذا الجزء لإضافة طابع زخرفى وجمالى، يعلوه نواصى مناطق الإنتقال من الخارج والتى تأخذ شكل متدرج، وتحصر فيما بينها نوافذ ذات ثلاث فتحات معقودة بعقود منكسرة، وتظهر القبة الملساء التى تغطى تلك الفوارة، كما فتح برقبة القبة ثمانية نوافذ معقودة بعقود منكسرة. كما يظهر بخلفية الصورة جامع محمد على بالقلعة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.